هي مدونه تحكي عن كل شيء من الكوره و الشعر و قصص و غيرها

أحمد شوقي ( أمير السعراء )

أحمد شوقي ( أمير الشعراء )

هو أحمد ين بن علي بن أحمد شوقي ، شاعر و أديب مصري ، ولد في حي الحنفي غي مدينة القاهرة القديمة ، أبوه 

كردي ،وأمه م ن أصول تركية شركسية ، بايعة شعراء العرب سنة 1927م أميرا للشعراء ، حيث كان حينها اكبر  

مججدي الشعرالعربي المعاصرين ، أشتهر بالشعر الديني و الوطني ، و يعتبر رائدا للشعر المسرحي.


و سوف نروي قصة أحمد شوقي ان شاء الله بالتفصيل في قسم الحياة قربيا علي صفحة ساعة فكر (T.R.U) . 




***************************************

لدي أحمد شوقي 14 كتاب كل منهم أشهر من ألاخر و هم :
  1. أسواق الذهب 
  2. البخيلة
  3. أميرة الاندلس
  4. الست هدي
  5. الشوقيات
  6. دول العرب و عظماء الاسلام
  7. علي بك الكبير
  8.  عذراء الهند
  9. عنترة
  10. قمبيز
  11. لادياس
  12. مصرع كيلوباترا
  13. مجنون ليلي
  14. شيطان بنتاءورأو لبدلقمان و هدهد سليمان
***************************************

وسوف نعرض عليكم بعض أعمال الشاعر الكبير أحمد شوقي لأنه ليس هناك من يستطيع حصر أعمال أمير الشعراء

في مقال واحد.

سيد درويش

كلَّ يومٍ مِهْرَجانٌ كَلَّلوا
 
فيه مَيْتًا برياحين الثناء
لم يعلِّم قومَه حرفًا، ولم
 
يُضئِ الأَرضَ بنور الكَهْرُباء
جُومِل الأَحياءُ فيه وقَضَى
 
شَهَوات أَهلُه والأَصدقاء
ما أَضلَّ الناسَ؟ حتى الموتُ لم
 
يَخْلُ من زُورٍ لهم، أَو من رِياء
إِنما يُبْكَى شُعاعٌ نابغٌ
 
كلَّما مرّ به الدهرُ أَضاء
ملأَ الأَفواهَ والأَسماعَ في
 
ضَجَّةِ المَحْيا، وفي صَمْتِ الفناء
حائطُ الفنِّ، وبانِي رُكْنِهِ
 
(مَعْبَدُ) الأَلحانِ، (إسحقُ) الغِناء
من أناسٍ كالدَّراري جُدُدٍ
 
في سَموَاتِ الليالي قُدَماء
غرَس الناسُ قديمًا، وبَنَوْا
 
لم يَدُمْ غَرْسٌ، ولم يَخْلُد بناء
غيرَ غَرْسٍ نابغٍ، أو حَجَرٍ
 
عَبْقَرِيٍّ فيهما سِرُّ البقاء
من يَدٍ مَوْهُوبَةٍ مُلْهَمَةٍ
 
تَغرِسُ الإِحسانَ، أَو تَبْنِي العَلاء
بُلْبُلٌ إِسْكَنْدَرِيُّ أيْكُهُ
 
ليس في الأرض، ولكن في السماء٥
هَبطَ الشاطِئَ من رابِيَةٍ
 
ذاتِ ظِلَّ ورَياحِينَ وماء
يَحْمِل الفنَّ نَميرًا صافيًا
 
غَدَقَ النَّبْع إلى جيلٍ ظِماء
حلَّ في وادٍ على فُسْحَتِه
 
عَزَّت الطَّيْرُ بِه إِلاَ الحِداء
يملأ الأسحارَ تغريدًا إذا
 
صرف الطَّيرَ إِلى الأَيْكِ العِشاء
رُبَّما استلْهَم ظَلْمَاءَ الدُّجى
 
وأَتى الكوكبَ فاستوحى الضياء
ورمى أُذْنَيْهِ في ناحيةٍ
 
يَخْلِسُ الأَصواتَ خَلْسَ الببَّغاء
فتلقَّى فيهما ما راعهُ
 
من خَفيِّ الهمْسِ، أو جَهْرِ النِّداء
أَيها الدرويشُ، قُمْ بُثَّ الجَوى
 
واشرَح الحبَّ، وناجِ الشهداء
اضرب العُودَ تَفُهْ أَوتارُه
 
بالذي تَهْوَى، وتَنْطِقْ ما تشاء
حَرِّك النَّاي، ونُحْ في غابه
 
وتنفَّسْ في الثُّقوبِ الصُّعَداء
واسكُب العَبْرَةَ في آماقه
 
من تَباريحَ، وشَجْوٍ، وعَزاء
واسْمُ بالأَرواحِ، وادفعْها إلى
 
عالَمِ الُّلطْفِ وأَقطارِ الصفاء
لا تُرِقْ دمعًا على الفنِّ فلن
 
يَعدِمَ الفنُّ الرُّعاةَ الأُّمَناءْ
هو طيرُ اللهِ في رَبْوَتِه
 
يبعثُ الماءَ إِليه والغِذاء
رَوَّحَ اللهَ على الدنيا به
 
فهي مثلُ الدارِ، والفنُّ الفِناء
تكتسي منه ومن آذاره
 
نَفحةَ الطِّيبِ وإِشراقَ البَهاء
وإذا ما حُرِمَتْ رِقَّتَه
 
فَشت القَسْوَةُ فيها والجَفاء
وإِذا ما سَئِمَتْ أو سَقِمَتْ
 
طاف كالشمس عليها والهواء
وإذا الفنُّ على الْمُلْكِ مشى
 
ظهر الحسنُ عليه والرُّواء
قد كسا الكرنكُ مصرًا ما كسا
 
من سَنًى أَبْلى اللَّيالي وسَناء
يُرْسِلُ اللهُ به الرُّسْلَ على
 
فتراتٍ من ظُهورٍ وخَفاء
كلَّما أَدَّى رسولٌ ومضى
 
جاءَ مَنْ يُوفِّي الرِّسالاتِ الأَداء
سَيِّدَ الفنِّ، استرح من عالمٍ
 
آخرُ العهدِ بنُعْماهُ البَلاء
ربَّما ضِقْتَ فلم تنعم به
 
وسَرى الوَحْيُ فنسَّاك الشقاء
لقد استخلفْتَ فنًّا نابغًا
 
دَفع الفنُّ إِليه باللَّواء
إن في مُلْكِ فؤادٍ بُلبلاً
 
لم يُتحْ أَمثالُه للخُلَفاء
ناحلٌ كالكُرِةِ الصغرى سرى
 
صوتُهُ في كُرَةِ الأرضِ الفضاء
يستحي أن يهتفَ الفنُّ به
 
وجمالُ العبقرِيَّاتِ الحَياء
***************************************


الوطن

وجانبٍ من الثرى يُدعَى الوطنْ
 
مِلْءُ العيونِ والقلوب والفِطنْ
مُزَيَّنٌ للآدميِّ العاقلِ
 
وكلِّ سهْليٍّ وكل عاقلِ
والأسدِ الخادرِ في البوادي
 
والنَّملِ فيما اتخذتْ من وادِ
ونَزْعةُ الناس إلى أوطانها
 
كنَزْعةِ الإبْل إلى أعطانِها
يُحبُّه الأقوام منذ كانا
 
ولا يُساوون به مكانا
إذا أتاهم أَيْسَرُ النِّداءِ
 
مِنه جَرَوْا لغاية الفداءِ
أو ذُكِر الحنينُ والحِفاظُ
 
لم تجرِ إلا باسمه الألفاظُ
كم من دماءٍ سِلنَ حولَ حوضِهِ
 
ومن عُروضٍ زُلنَ دون عِرضهِ
وفي سبيله قضى رجالُ
 
من أن يُلاقَوْا تستحي الآجالُ
وباسمه كم تاجَرَ الفُسَّاق
 
وانقادتِ الناس لهم فساقوا

•••

وتَكرُمُ الدارُ على الحرِّ الأَبي
 
كرامةَ الأمِّ عليه والأبِ
وليس من عِرضٍ ولا حريمِ
 
تحميه فوق الوطن الكريمِ
الجسمُ من تُربته ومائهِ
 
والرُّوحُ رَوْحٌ هبَّ من سمائهِ
وكلُّ ما حولك من هِباتِهِ
 
وما وَلدْت فهو من نباتِهِ
أمانة الأوَّلِ عند الآخر
 
خِزانةُ الآثار والمفاخر
وحوضُ ما جفَّ من الشبابِ
 
وقَصَفَ الدهرُ من الأحباب
ورَسْمُ ما بان من الليالي
 
وأثرُ الأيام في الخيالِ
ومُخِلقُ الشبابِ والمشيبِ
 
ومُلبسُ البالي على القشيبِ
وفي ثراه البلقَعِ اليَبابِ
 
ما شِئتَ من أهلٍ ومن أحبابِ
وَفَى له من ليس بالوفيِّ
 
وهشَّ من لم يكُ بالْحَفِيِّ

•••

والمُلْكُ كالناسِ له أوطانُ
 
يَنظِمُها للأمم السلطانُ
يَدينُ جنسٌ سائرَ الأجناسِ
 
ويَدَّعي ناسٌ وَلاءَ ناسِ
يأتمرُ الضعيفُ بالقويِّ
 
ويأمُرُ الراشدُ في الغَوِيِّ
في دُولةٍ ممدودةِ الطِّرافِ
 
مشدودةِ البُهرةِ٣ بالأطرافِ
بلَّغها العنفُ ذُرا الإقبالِ
 
كالريح تَبني الماء كالجبالِ
هبَّتْ ضُحًى عليه فاشمخرَّا
 
وركدت عشيَّةً فخرَّا
روما التي راع اتِّساقُ مُلْكها
 
وَهَتْ يواقيت القرى مِن سلْكِها
أمست هوتْ عن عرشها المُعظَّمِ
 
وأصبح التاجُ كأن لم يُنظَمِ
لم تَتَّقِ اللهَ ولا الأيامَا
 
في أُممٍ سَبَتهمو أيامَى
بنو الزمان، فوقهم بنُوها
 
تكبُّرًا وسُنَّة سَنُّوها
وما لهم من وطنٍ سواها
 
على تداني الدار أو نواها
كثيرُ أوطانٍ بلا التئامِ
 
وأُمَمٌ شتَّى بلا وِئامِ
وجَمْرةٌ في كَبِد المنقادِ
 
ولاعجٌ من كامن الأحقادِ
وكلُّ فأس وقعتْ في الدار
 
تنزل بالأُسِّ والجدار
فحكَمَ الله على الرومانِ
 
وأدركتْهمْ سُنَّةُ الزمانِ
لِترثَ الأيامَ شُبَّانُ الأممْ
 
والإرْثُ للشباب حق من أمَمْ
وأنجزَ الله النبيَّ وعدهْ
 
وساد قومُه الزمانَ بعده
فورثوا قيصرَ في المشارقِ
 
وأخذوا الغرب بسيف طارقِ
وأمَّنوا الأمصار فاتحينا
 
وعَدَلوا في العالَمينَ حينا
واتخذوا كُلَّ القرى أوطانا
 
وحاسنوا الأهلين والقُطَّانا
فحيث حَلَّ العربيُّ حيَّا
 
من الملا قبيلةً وحيَّا
وشاطر الأرضَ على التساوي
 
محاسنَ الأقوام والمَساوي
حتى انقضى سلطانُهم وزالا
 
وفضلُهم باقٍ ولن يزَالا
تغيَّرت كدأْبها البلادُ
 
وانتقل الزِّمامُ والمقادُ
ودينُهم بين الشعوب دينُهمْ
 
يُعييِ على الأيام مَن يَدينهمْ
وذلك اللسانُ باقٍ لم يَزَلْ
 
يمضي عليه مَن جلا ومَن نَزَلْ
لم يبقَ منهمو سوى الأصواتِ
 
وعجَبٌ تكلُّمُ الأمواتِ
***************************************

البيتُ الحرام

دارٌ عليها مِيسَمٌ من القِدمْ
 
حُجَّت على أول خُفٍّ وقدمْ
مَهدُ الهدى في الأولين رُكنُها
 
وحصنُه في الآخرين صحنُها
تلك جِباهُ الرُّسْل في ترابها
 
وخدُّ إبراهيمَ في مِحرابها
غنيةٌ عما كساها أسعدُ
 
في الدهر وهو بالثناءِ أسعدُ
وكم جلاها في اليماني المُسْبَلِ
 
من قَبِلتْ منه ومن لم تَقْبَلِ
لا تلمسنَّ وشْيَها ضريرا
 
رُب عَروسٍ تلعَنُ الحريرا

•••

تواضعتْ بين شِعاب الوادي
 
لم تتخذْ تبذُّخَ الأطوادِ
لم تُبْنَ بالصُّفَّاح والصَّوَّانِ
 
ولا علتْ تعالِيَ الإيوان
لا يدُ خُوفو أرهقت فيها البشرْ
 
ولا سليمانُ لها الجنَّ حشرْ
بل صُنْعُ شيخٍ مُقبِلٍ مُزاولِ
 
أُعِينَ بابنٍ يافعٍ مُناولِ
قد رفعاها حجرًا فوق حجرْ
 
ووضعا فيها على اليُمن الحجْر
الله يُوحي والأمينُ يشهدُ
 
وتخشعُ الأرضُ ويعلو المعهدُ
حتى تجلَّتْ قبة الإيمان
 
ممدودةَ الظل على الزمان
وركنُها كأمسِ في أم القرى
 
تُطوَى القباب والقصورُ والقرى
دعائمٌ من خَشيةٍ وتقوى
 
على تطاول الزمان تقوى
وما بنى الحقُّ له الثبُوتُ
 
وما بنى الباطلُ عنكبوت
تقبَّل الله من الحواري
 
واختصَّ بالبيت وبالجوارِ
واختار من عباده قبيلا
 
للبيت يَهدونهمو السبيلا
أُولُو الإله الكرماءُ عهدا
 
النازلو البيت العتيقِ مهدا
الراضعو زمزمَ في الهواجِرِ
 
وهي تَدِرُّ من بَنانِ هاجَرِ
غُرَّةُ آبائهمُ الذبيحُ
 
والأمهاتِ جُرهُمُ الصبيحُ
أبناءُ إسماعيلَ حول بَكَّهْ
 
تضوَّعت منهم شِعابُ مكهْ
بيتهمو محبوكةٌ مفاخرُه
 
أوَّلُه نُبوَّةٌ وآخرُهْ

•••

انتشروا قبائلًا على الزمنْ
 
مِلْءَ الحِجاز والشآم واليَمَنْ
بَدْوٌ بكل نَشزٍ وقاعِ
 
وحَضَرٌ في عامر البقاعِ
تنقَّلَتْ فيهم دياناتُ الأوَلْ
 
تنقُّلَ الأيام فِيهم والدُّوَلْ
والدِّين بين القدماءِ عَدْوَى
 
يقطعُ أجوازَ القِفار عَدْوا
نارُ المَجوس وجدتْ مجازا
 
وابنُ سنانٍ أنقذَ الحِجازا
بقيةٌ تؤمنُ بالجليل
 
يتَّبعون مِلَّةَ الخليلِ
وعُصبةٌ على هُدى الأحبارِ
 
أهلُ كتابٍ يعبدون الباري
آلُ ابنِ عِمرانَ أو ابنِ مَريَما
 
فمن بهاتيك الشِّعاب خيَّما؟
وفِرقةٌ دَهريةٌ جُحَّادُ
 
عن كل دينٍ لهمو إلحادُ
وآخرون افتتنوا بالنار
 
أو سجدوا للكواكب المُنارِ
أو ألَّهوا ما نحتوا من الحجرْ
 
أو عبدوا ما استنبتوا من الشجرْ
وغيرُهم بالحيوانِ دانا
 
وقدَّسَ الأرواحَ والأبدانا
كلٌّ من الحيرةِ والضلالهْ
 
يعشو إلى القوة والجلالهْ
قد هجروا الشمسَ إلى الأياةِ
 
وجاوزوا المُحيي إلى الحياة
وبلبلت ألسُنَهمْ أسماءُ
 
فكثُرتْ في حُبِّها الأسماءُ

•••

مكةُ دارُ المُلكِ والبيتُ الملِكْ
 
تُمسي الوفود في سُراها تهتلِكْ
واتفقوا في الحب والتَّجِلَّهْ
 
على اختلاف مذهبٍ ومِلَّهْ
يجمعُهمْ من كل سهلٍ وجبلْ
 
ضوابحَ الخيل روازحَ الإبل
يَسْدِنُ ساداتُهمُ قبابَه
 
ويحجُبُ الصِّيدُ السُّراةُ بابَه
وهاشِمُ السُّحْبُ سُقاةُ الوفد
 
الغامرون غيرهم بالرَّفد
دارٌ لأقوامٍ مُجاورينا
 
ومَنسَكٌ طُهْرٌ لآخرينا
ومَوسِمُ السَّوْمِ والاكتسابِ
 
ونَدْوَةُ النداءِ بالأنسابِ
ومِنْبَرٌ حَفَّتْ به القبائلُ
 
إيادُ من أعواده ووائلُ
قِسْ في النُّهى قُسًّا إلى سُقراطِ
 
يتَّزِن القيراطُ بالقيراطِ
كان مَسيحيًّا وكان فاضلا
 
وكان عن حقيقةٍ مُناضلا
مُحمدٌ من ناقلي عِظاتِهْ
 
والصاحب الصِّدِّيقُ من رُواتِهْ
وحَرَمُ الآدابِ والأخلاقِ
 
وكيف لا وهو حمَى الخلَّاقِ
لا يُنطَقُ الهُجْرُ به والإفكُ
 
ولا يَحلُّ للدماء سَفْكُ
ومَعبدٌ مُشترَكٌ مُشاعُ
 
كلُ العبادات به مَشاعُ
أعجبُ منه لم يرَ الأنامُ
 
يُعبدُ فيه اللهُ والأصنامُ
فالبيتُ خالي الجنباتِ عاطلُ
 
يجاورُ الحقَّ عليه الباطلُ
يُحَجُّ للبِرِّ وللخِلالِ
 
وتارةً لله ذي الجلالِ
كلُّ فريقٍ حول ما أحبَّا
 
وكل قوم يعبدون رَبَّا
تسمُّحٌ للعرب القُرومِ
 
لم يُلفَ في الفرس ولا في الرومِ
سُقراطُ لو جاورهُمْ مُعافَى
 
لم يَذقِ السجنَ ولا الزُّعافا

***************************************

ونعرض عليكم نثر لأحمد شوقي

***************************************

الاستعداد في مصر لاستقبال حماس

كانت شهرةُ حماس وأنباء شجاعته الفائقة قد سبقتْه إلى وطنه، فكان لها أحسن تمهيد من ماضي الفتى في خدمة الجيش، والصفات العالية التي طالما امتاز بها من بين أقرانه.

وإذ كانت أخبار الشجعان في كل أين وآن، يغالي فيها ويبالغ حتى تبلغ إلى الخرافات، فقد صارت أحاديث حماس في مصر موضعَ اشتغال الأطفال، فما بال الرجال، وأصبحت هي الحكايات والأمثال، فنشأ عن ذلك تمكن حب الفتى من قلوب الشعب وسريان المهابة له في الأنفُس، قبل أن تطأ قدمه تربة الوطن آيبًا من جزيرة ساموس.

ولم يكن لحماس حاسد على هذه الشهرة الفائقة سوى الملك أبرياس، إلا أن الغباوة دفعت به إلى تدبير حيلة يبرأ الصبيان منها، وذلك أنه يعيد حماس بمجرد وصوله إلى وظيفته في البلاط، وكان الفتى قد استقال منها قبل سفره إلى جزر اليونان، بلا باعث سوى كونه ضابطًا ذكيًّا حرًّا يقول الحق ولا يحيد في حال من الأحوال عن الصدق، وللأسباب التي تقدم ذكرها فأراد الملك هذه المرة أن يطفئ نور حماس، باستخدامه في القصر؛ حيث الأيدي مغلولة عن الأعمال، وحيث مظهر الملك والسلطان فوق كل مظهر وشأن.

فلما وصلت السفينة اليونانية المقلة لخطيب لادياس، كانت على الشاطئ حوالي نقراطيس «فوه الآن» خلائق لا يحصى لهم عدد قد أتوا من أقاصي البلاد، لتحية بطل مصر الشاب حال وصوله وعرفانه بالذات، مثل ما عرفوه بالصفات.

وكان الجمع من كثرة العدد وشدة الزحام؛ بحيث لم يكن عسيرًا على حماس أن يقوم بعمل عدائي تكون نتيجته وبالًا على البيت المالك، وتستحيل شرارته في أقرب وقت إلى جمرة لا طاقة لأبرياس بإطفائها، إلا أن نشوة الشهرة لم تغلب الفتى على حزمه وقوة عقله، فوقف بالآمال عند حده، مكتفيًا بهذه الخطوة الأُولى العظمى في سبيل المجد والفخار.

حتى إذا ألقت السفينة مراسيها، ونزل حماس عنها تحوطه السفينتان الأخريان، كأنهما لعقاب فلكه جناحان، ضجت الألوف من الناس بالهتاف الشديد الموصول، وكان أول من تقدم فحياه مصافحة رسول الملك أبرياس، وكانت له أيام على الشاطئ ينتظره مع المنتظرين، ويفتش عنه السفين بعد السفين، فحين وقعت عليه عينه خف لاستقباله وبالغ له في الخطاب، ثم أخبره أن أنباء الشجاعة الفائقة كانت ترد على الملك أولًا بأول وفي حينها، وأن جلالته كان يسر بها ولا يستكثرها على صفاته العالية المعلومة لديه، وأنه من أجل ذلك كله وتذكارًا لخدماته السابقة الجليلة في الجيش قد قلده رتبة القائد، ورقاه لوظيفة حارس أول لذاته الفخيمة.

فتلقى حماس خبر هذا الإنعام بالقبول الحسن والشكر الوافر، وهو في نفسه حذر من الملك مرتاب، ثم قدم له الرسول جوادًا كان قد أَعَدَّهُ لركوبه، فركب الرجلان وسارًا من فورهما قاصدين مدينة ساييس (صان الحجر الآن) لمقابلة الملك في قصره بها.


***************************************

المراجع :

1-كتاب دول العرب و عظماء الاسلام

2-كتاب الشوقيات

3-لادياس



 
banner

ليصلك كل جديد عنا ولنكون علي اتصال